ميسان على صفيح ساخن.. أمراء الفصائل يتفاوضون لوقف الاغتيالات المتبادلة!

النور نيوز/بغداد
تشهد الساحة العراقية، منذ أيام، اغتيالات متكررة في صفوف عناصر فصيل “عصائب أهل الحق” التي يتزعمها قيس الخزعلي، وأخرى مماثلة في التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر.
وكان الخزعلي، ضمن التيار الصدري، وأحد المساعدين، لمقتدى الصدر، منذ 2004، لكنه انشق عنه، وشكل فصيل العصائب، بدعم من إيران، حيث يصفه الصدر، بشكل متكرر بأنهم “ميليشيات مارقة”.
ومنذ الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في العراق في 2019، بدأت تصفيات تنطلق ضد الأعضاء في هاتين المجموعتين، حيث قتل محتجون غاضبون، يتهمون بالانتماء للتيار الصدري، القائد في فصيل عصائب أهل الحق وسام العلياوي، وأخاه، في محافظة ميسان، جنوبي البلاد.
أخيراً، أوفد الصدر، لجنة رفعية، من كبار قادة تياره، للملمة الوضع في المحافظة الجنوبية، فيما عيّن الخزعلي، هو الآخر، لجنة من العصائب تتولى مهمة التفاوض مع “الصدريين” لوقف الاغتيالات المتبادلة، بين الطرفين.
أول بيان من اللجنة المشتركة
وأعلنت اللجنتان، الجمعة، مخرجات اجتماعهما في محافظة ميسان.
وذكرت اللجنتان، أن “مخرجات اجتماع أبناء الأب الواحد في محافظة ميسان هي”:
١- ندين ونستنكر جميع جرائم القتل في المحافظة
٢- ندعم ونساند القضاء والاجهزة الأمنية من أجل أخذ الدور الأكبر في فرض القانون والحد من الجريمة
٣-نقف على مسافة واحدة من الجميع
٤-استمرار عمل اللجنة ومتابعة التحقيق وكشف الجناة من أجل أخذ جزاءهم العادل قانونياً
٥- ندعو أهالي محافظة ميسان التحلي بالصبر لتفويت الفرصة على من يريد اثارة الفتنة بين ابناء الأب الواحد (محمدالصدر)
٦-نأمل من وسائل الاعلام توخي الحذر والدقة في نقل الاخبار من مصادرها الصحيحة وليس من ما تنشره مواقع التواصل الاجتماعي المغرضة.
تتميز محافظة ميسان بموقعها الجغرافي الحدودي الجنوبي مع ايران، وتعد ذات بيئة نشطة لمهربي المخدرات والنزاعات العشائرية التي تستخدم فيها اسلحة ثقيلة وخفيفة، لكنها شهدت خلال الأيام الأخيرة اضطرابات أمنية متصاعدة في ظل الأزمة السياسية المعقدة.
وقد دفعت تلك الاضطرابات رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إلى تشكيل قيادة عمليات محافظة ميسان للسيطرة على كل الأجهزة الأمنية.
قبل أيام اغتيل الضابط في وزارة الداخلية حسام العلياوي على يد مسلحين مجهولين في المحافظة ذاتها، علما أنه شقيق وسام العلياوي، القيادي في “العصائب”، الذي قتل في تشرين الأول 2019 في ميسان أيضاً.
والشهر الماضي، اغتال مسلحون مجهولون أحد أتباع التيار الصدري واسمه كرار أبو رغيف، بإطلاق النار عليه في سيارته في حي المعلمين.
وعلى اثرها، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في بيان له، “الأخوة في التيار والأخوة في العصائب إلى التحلي بالهدوء والتصالح بعيداً عن القيادات”، مشيراً الى أنه لا يزال يأمل من البعض منهم “حقن الدماء”.
ويأتي ذلك بعد أيام من بيان لزعيم “العصائب” قيس الخزعلي، طالب فيه الصدر بـ”التبرؤ من بعض العناصر المسيئة في سرايا السلام”، التابعة للصدر، متهماً هؤلاء بالمسؤولية عن مقتل العلياوي وشقيقه.
هل تلوح الحرب الشيعية – الشيعية
هذا المشهد يحيل سريعاً إلى السيناريو المتداول بشكل متكرر، على ألسنة المحللين، وتقارير القنوات الفضائية، بشأن ما يُعرف بـ”الحرب الشيعية”، انعكاساً للخلاف السياسي المشتعل، حيال التحالفات، ومسألة تشكيل الحكومة.
عضو في الإطار التنسيقي، رد على تلك الأحاديث قائلاً: إن “القوى الشيعية، تحتكم سريعاً إلى جملة عوامل تثبت الاستقرار، وأبرزها المرجعية الدينية، التي تمثل صمّام الأمان والحاكم بين الفصائل، والأحزاب السياسية، وكلمتها مسموعة، فضلاً عن وجود اتفاق داخلي، يجرّم الحرب الشيعية – الشيعية، وهو ما يجعل هذا السيناريو مستبعداً بشكل كبير”.
يضيف القيادي الذي رفض الكشف عن اسمه لـ”النور نيوز” أن “الجمهورية الإسلامية، أيضاً تعد إحدى صمّامات الأمان، للوضع الداخلي، وما زيارة الحاج إسماعيل قآاني، ولقاءه السيد الصدر، إلا دليلاً على رغبة إيران، باستتباب الوضع الداخلي”.
في خطاب الفوز، الذي ألقاه زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، مساء 11 أكتوبر/تشرين الأول 2021، صوّب نحو الجماعات الشيعية المسلحة المنافسة وطالبها بالتخلي عن أسلحتها لصالح الحكومة. حتى وهو يقود سرايا السلام، قال:”يحظر استخدام [السلاح] خارج [الدولة] على الإطلاق؛ حتى ممن يتظاهرون بأنهم مقاومة… لقد حان الوقت لكي يعيش الناس من دون ميليشيات”. وكانت هذه إشارة مستترة إلى الفصائل المسلحة في العراق، ما أنذر بتصعيد الأوضاع بين الجبهتين.
وظهر أبو ظافر الزيادي، القائد الصريح لعصائب أهل الحق، بعد فترة وجيزة في مقطع فيديو تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي العراقية. وهدد الزيادي على ما يبدو رفاقه قائلًا: “سنقطع أي يد تمتد على سلاح المقاومة”.
هذا المشهد، يحلله الخبير في الشأن الأمني، حميد العبيدي، بأنه، “خليط من رواسب الماضي القديم، وتحديداً العودة لأكثر من عقد، حينما انفصلت العصائب عن التيار، وبقي العداء بين الطرفين تحت الرماد، بانتظار اللحظات المناسبة لاشتعاله، فكانت الاحتجاجات الشعبية، فرصة مواتية بسبب انخفاض منسوب الأمن، وانيهار الأوضاع النسبي”.
يضيف العبيدي في حديث لـ “النور نيوز” أن “ما يحصل في الوقت الحالي، هو هدنة مؤقتة بين الطرفين، وربما سنشهد تصعيداً خطيراً، خلال الأيام المقبلة، بسبب وجود دماء، وثأر، وقتلى، سقطوا من الطرفين، وحينها ستكون الوساطات والمبادرات لا تنفع كثيراً، إلا باتفاق شامل، يضع النقاط على الحروب، ويحدد المتورطين بتلك الجرائم، ومن ثم الدفع بهم نحو ميدان القضاء”.