اخبار العراقاخبار عامةاهم الاخبارتقارير وحوارات

“أرقام مفزعة”.. الشباب العراقي أسير المخدرات ودعوات لتدخلات “غير روتينية” (تقرير)

النور نيوز/ بغداد

أضحى إعلان أجهزة الأمن العراقية عن تفكيك شبكات المخدرات أمرا شبه يومي، وسط تحذيرات من تفاقم آفة الإدمان، وسط شباب البلاد المتأثرين بسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، في حين تركز الحرب ضد المواد الممنوعة، على الشق الأمني، بشكل كبير، دون معالجة المسببات.

ويرى مراقبون أن تفكيك هذا العدد الكبير من الشبكات يكشف الارتفاع المضطرد في أعداد مدمني المخدرات في البلاد والضالعين في المتاجرة بها، خاصة في صفوف الفئات العمرية الشابة.

وتشكل فئة الشباب الضحية الأولى للوقوع في فخ الإدمان المدمر، في بلد يشكل فيه من دون الخامسة والعشرين من العمر 60 في المئة من إجمالي السكان.

ويقول منتقدون في العراق إن “الحرب” ضد الممنوعات تركز على المجابهات الأمنية والاستخبارية فقط، دون تطوير آليات معالجة اجتماعية واقتصادية ونفسية، أي العوامل المحفزة والمشجعة لتنامي ظاهرة تعاطي المخدرات في المجتمع العراقي.

وتتضح فداحة الوضع عبر الأرقام والإحصائيات المفزعة التي تعلن عنها الجهات الحكومية المعنية، حيث تسجل البلاد سنويا آلاف حالات الإدمان والاتجار، فيما يبقى القسم الأكبر من حالات التعاطي والترويج، محاطا بالسرية.

وكشف مجلس القضاء الأعلى في العراق، قبل أشهر، أن نسبة إدمان الشباب للمخدرات قد تصل إلى 50 في المئة، عازياً الأمر إلى “سوء الأوضاع الاقتصادية” في البلاد.

ونقل بيان للمجلس عن قاضي محكمة تحقيق المسيب في بابل (وسط) نبيل الطائي قوله: إن “نسبة الإدمان قد تصل إلى 50 بالمئة بين الشباب، لكن هذا الأمر غير مكتشف بشكل رسمي”.

وأضاف أن “الأشخاص الذين يعملون بالمخدرات ويروجون لها موجودون في كل المناطق، وليس في منطقة محددة، لكن نستطيع القول إن النسبة الأكبر وحوالي 70 بالمئة منها هي في الأحياء الفقيرة والمناطق التي تكثر فيها البطالة وغيرها من المشكلات الاجتماعية”.

وتُرجع مفوضية حقوق الإنسان العراقية، سبب تفشي المخدرات بتلك الصورة المريعة إلى تغليب المعالجات الأمنية، ومطاردة التجار، دون إيجاد حل للمتعاطين، وهم الضحايا الذين يقعون فريسة شبكات الاتجار.

وقال عضو المفوضية، علي البياتي: إن “ما يحتاجه العراق هو تأهيل القوات الأمنية، العاملة في مكافحة تجارة المخدرات، بطريقة تختلف عن تأهيل وتدريب القوات القتالية، فهؤلاء المتاجرين أيضاً يمارسون الارهاب، لكن بطريقة مختلفة”.

ويرى البياتي خلال حديثه لـ”النور نيوز” أن “المجتمع الدولي، يجب أن يتعاون مع العراق بشكل أفضل، في إنهاء هذا الملف، قبل الوصول إلى نسبة الخمسين بالمئة التي تحدث بها وزير الداخلية عثمان الغانمي وهذا يتطلب وقفة سريعة”.

وتابع، أن “عصابات المخدرات في العالم هي أقوى من الدول، فضلاً عن وجود جهات داخلية قد تدعم عملية توريد المخدرات او التغطية عليها وبالتالي لابد من السيطرة على الحدود أاو المنافذ”.

وفي محافظة الديوانية، أعلنت بعض عشائرها أنها “ستتبرأ” ممن تثبت إدانتهم بتعاطي وتجارة المخدرات بكل أنواعها وأنها ستبلغ السلطات الأمنية عن مرتكبي هذا الأفعال باعتبارهم مجرمين يتعمدون تدمير المجتمع.

جاء ذلك خلال مؤتمر عقدته مجموعة من العشائر في قضاء عفك، شرق الديوانية، في محاولة منها للتصدي لظاهرة تفشي المخدرات ومساندة القوات الأمنية في ملاحقة التجار والمتعاطين وعدم التستر عليهم.

وقال الشيخ محمد المنذور، رئيس قبائل عفك في العراق، في تصريحات صحفية: إن “العشائر اليوم تقف إلى جانب الجهاز الأمني وتفعيل سلطة القانون في محاربة ظاهرة تعاطي المخدرات”، مضيفا أن الاجتماع يهدف إلى تقديم النصح والإرشاد ومراقبة سلوك الشباب من أجل بناء مجتمع سليم بعيدا عن الإدمان، على حد قوله.

وطالبت العشائر المجتمعة بضرورة تجفيف منابع هذه المخدرات وتفعيل دور نقاط التفتيش للكشف عن المتورطين.

وفي آخر إحصائية لمديرية مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية، عن عدد المعتقلين في حيازة وتجارة وتعاطي المخدرات في البلاد خلال العام الحالي 2021، فإنهم قد وصلت إلى آلاف المعتقلين.

وقال مدير إعلام المديرية العقيد بلال صبحي في تصريح صحفي :”بلغ عدد المتهمين الملقى القبض عليهم من التجار والمروجين والمتعاطين للمخدرات أكثر من 11 ألف منذ بداية العام الحاي”. مشيراً إلى أن “60% منهم هم من التجار للمخدرات و 40% من المتعاطين”.

وأوضح صبحي انه “خلال هذا العام تمت محاكمة 5000 وفق المادة 28 و 32 تعاطي للمخدرات”، لافتاً إلى أن “مفارز المديرية تمكنت من ضبط أكثر من 400 كيلو غرام من المواد المخدرة بمختلف أنواعها الكرستال والحشيشة والهيروين والكوكايين والحبوب المخدرة المؤثرات العقلية”.

وفي ظل تلك الأرقام، يرى نشطاء، ضرورة إطلاق حملة واسعة، على عدة مستويات، أمنية، وسياسية، واقتصادية، واجتماعية، لمواجهة الآفة التي بدأت تتغول داخل مجتمع الشباب، بمساندة وسائل الإعلام المحلية، ومواقع التواصل الاجتماعي.

وترى الناشطة، منى العامري، “ضرورة إطلاق تلك الحملة بأقرب وقت، والتهيئة لها على مستويات وطنية، لوقف نزيف الشباب، في السجون، وتحويل بوصلة نشاطهم وإنتاجهم إلى ما يحقق مكاسب للبلاد”.

وترى الناشطة العامري في حديث لـ”النور نيوز” أن “تملص الجهات المعنية، عن دورها أوقعنا بهذا المأزق، الذي يُضاف إلى مآزق الواقع العراقي، ما يستدعي اتخاذ إجراءات غير روتينية، وصارمة في وقف تلك الظاهرة الدخيلة على المجتمع العراقي”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى