ربيع الكاظمي في أيامه الأخير.. طابور الزرفي وعلاوي ما زال يتسع!
بغداد/ النور نيوز
لم يدم ربيع رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي طويلاً، حتى اقترب من نفق زميليه محمد علاوي وعدنان الزرفي، حيث تحاصره الكتل السياسية بشروطها، بالإضافة إلى تعثره في مسألة اختيار الوزراء وشخصياتهم، وسط جدل مثار حول التشكيلة الجديدة.
وتضمنت التشكيلة الوزارية للكاظمي، ترشيح الدكتور خالد بتال، رئيس جامعة الأنبار لوزارة التخطيط، والباحث حارث حسن، لوزارة الخارجية، وإبراهيم بحر العلوم، من محافظة النجف، لوزارة التعليم العالي، وفؤاد حسين، لوزارة المالية، وخالد شواني من حزب الاتحاد الوطني لوزارة العدل، وريزان محمد لوزارة البلديات، والنائب الحالي محمد شياع لوزارة الزراعة، وعبدالجبار اللعيبي لوزارة النفط، وجاسم محمد الأسدي لـوزارة الموارد المالية، مع الإبقاء على عدد من الوزارات ستُحسم لاحقًا.

كما نصت وثيقة التشكيلة الحكومية، على اختيار المكلف السابق عدنان الزرفي، مرشحاً لوزارة الكهرباء، والناشط المدني، كاظم السهلاني مرشح لوزارة العمل، وهاشم داود مرشح لوزارة الثقافة.
هذه التشكيلة الوزارية، لم تَرق للأحزاب، التي اعترضت على آلية الترشيح، ومعايير اختيار الوزراء، بالإضافة إلى رفضها بعض الشخصيات التي وردت في الكابينة الوزارية.
اعتراض من الفتح ودولة القانون
ويعد رئيس ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، ورئيس تحالف الفتح، أبرز الرافضين لتمرير الكاظمي، بتلك الصغية، حيث انتقد رئيس كتلة الفتح محمد الغبان، آلية ترشيح الوزراء في حكومة الكاظمي، واصفًا تعامله بالـ “ازدواجي”.
وقال الغبان، في بيان تلقى “النور نيوز” نسخة منه إن “كتلة شيعية محددة أصرت على تفويض الرئيس المكلف في اختيار الكابينة لغاية في نفسها، والكتل الشيعية الأخرى، وافقت بشرط أن يطبق هذا المبدأ على الجميع دون استثناء، لكن الرئيس المكلف خلافًا لذلك المبدأ قبل مرشحي الكتل الكردية والسنية وتعامل بازدواجية”.
وألمح إلى إمكانية عرقلة تمرير الحكومة في البرلمان، قائلًا:”هذا الأمر مرفوض ويعقد تمرير الكابينة”.

وتشير آخر التسريبات إلى أن الكاظمي سيجري تعديلًا طفيفًا على الوزارات، وبحسب رغبة الكتل السياسية، بما يضمن إبقاء الوزارات المهمة في تنفيذ رؤيته للمرحلة الثانية، وسيعرض تلك التعديلات على الأحزاب والقوى، وفي حال رفضها فإنه لن يدخل معها في سجال أو صراع، ولن يصرّ على عقد جلسة لمجلس النواب للبت في حكومته، بل سيعلن انسحابه، ويعيد الكرة إلى الكتل السياسية.
وتقول مصادر سياسية، إن الكاظمي يحصل على دعم كبير من بعض الكتل الشيعية، مثل تحالف سائرون التابع لمقتدى الصدر، والحزب الديقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، فهو لديه أدوات للمناورة، وآخرها الانسحاب من التكليف، ما يعني العودة إلى المأزق الأول، لكن لا يريد ذلك إلا بعد استنفاد كل السبل الممكنة للحصول على ثقة البرلمان.
لكن عضواً في ائتلاف دولة القانون أشار إلى أن “الائتلاف لا يرفض تمرير الكاظمي، كما تداولته وسائل إعلام اليوم، لكن في الحقيقة نحن نسعى إلى أن تكون التشكيلة الوزارية قادرة على المضي في إخراج العراق من الأزمات التي تعصف به، ونحن حتى الآن نمنح المشورة ونجري حوارات مع الكتل السياسية مثل تحالف الفتح وآخرين، للتواصل إلى صيغة نهائية”.
وأضاف العضو الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لـ”النور نيوز” أن “الائتلاف بالفعل كانت لديه ملاحظات على طبيعة تعاطي الكاظمي مع تحالف البناء، حيث شعرنا بتهميش واضح، على حساب تقدم كتل أخرى، وهذا لا يُرضي أحداً، لذلك سجّلنا تلك الملاحظات، وقدّمناها إلى المكلف، وفي النهاية لن نكون حجر عثرة أمام تشكيل الحكومة”.
وبشأن طبيعة مشاركة الائتلاف في حكومة الكاظمي، أشار إلى أن ” ذلك مرهون بالتوافق السياسي، فإن شاركت الكتل السياسية وهذا ما تتجه إليه الأمور حالياً، فإننا بالتأكيد ستكون لنا مشاركة، وإن منحت الكاظمي كامل الحرية، فإننا معها”.
عقدة الخلاف .. خمس وزارات
من جهته أعلن حزب “الحل” عدم مشاركته في حكومة الكاظمي. وقال في بيان إنه “لن يكون شاهد زور على ما يحدث من توزيع للوزارات كأنها غنائم، وادعاءات البعض زوراً بتمثيلهم المكون لاحتكار استحقاقاته والحصول على المكتسبات على حساب الآخرين”.

وأضاف “نعلن بأننا خارج حكومة الكاظمي لعدم قناعتنا بإمكانيته إحداث تغيير على الواقع المرير للشعب الذي يعاني من تهجير وفقر وفساد وسرقة أموال”.
وأكد الحزب “سنكون مع الشعب إلى حين استعادة حقوقه المسلوبة”.
وتركزت الخلافات على وزارات الداخلية، والدفاع، والنفط، والكهرباء، والمالية، وهي تدور بين كتل المكون الواحد، بالإضافة إلى رفض شرط الأكراد بالإبقاء على وزير المالية الحالي فؤاد حسين.
لكن القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، ووزير الإعمار والإسكان، بنكين ريكاني، قال إن الإصرار على بقاء فؤاد حسين وزيرا للمالية، يعود لكونه رجل سياسي، وتاريخه كبير، ولماذا لا نصر على طرحه.
وأضاف، في تصريح متلفز، أن “الكتل الكردية رشحت 3 وزراء لحقائب وزارية في الحكومة المقبلة، وهم كل من فؤاد حسين وزيراً للمالية، ونازانين أسو وزيراً للإعمار والإسكان، وخالد شواني لوزارة العدل.
ويبقى موقف كتلة سائرون بزعامة مقتدى الصدر، وهي أكبر كتل البرلمان، غير محدد بعد، حيث اكتفت بالحديث عن عدم وجود توافق سياسي حتى الآن على الكابينة الوزارية.
وقال النائب عن الكتلة غايب العميري لوكالة الأنباء العراقية إن”المناقشات والاجتماعات بين الكتل السياسية ورئيس الوزراء الكاظمي مستمرة ولم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن الكابينة الوزارية”، لافتاً إلى أن”بعض الأحزاب والكتل يريدون أن يكون لهم ممثلون في الوزارات أو الكابينة الحكومية وأخذ استحقاقهم الانتخابي”.
غموض في المواقف وقلق “شيعي”
ويحظى الكاظمي بدعم القوى السنية والكردية لكن القوى الشيعية لا تزال متوجسة من نهجه مستقبلا حيث تخاف أن تقوض سياسة حكومته المنتظرة بعض قوتها في البلاد.
في هذا السياق يرى المحلل السياسي عماد محمد، أن “الكتل الشيعية وتحديداً تحالف الفتح، ما زالت حتى الآن في قلق من الكاظمي، وتراقب نهجه على الدوام، ومن المتوقع خلال الساعات القليلة المقبلة، إعلان رفضها التام لتمرير تشكيلته الوزارية، وهذا نابع من بعض مواقف الفصائل المسلحة المنضوية في تحالف الفتح، إذ مازالت ترى في الكاظمي متهماً باغتيال سليماني والمهندس، وقربه من الإدارة الأميركية، لذلك تريد الاطمئنان بشأن المرحلة المقبلة وإدارتها”.
وأضاف محمد لـ “النور نيوز” أن “الكاظمي أغضب الكتل السياسية بالازدواجيه التي تعامل بها تجاه بعض الكتل، وتجاهله أخرى، وهو ما ألّب الرأي العام ضده، وأعطى صورة بأن حكومته لن تكون حكومة كفاءات، وإنما تضم شخصيات عليها علامات استفهام، وبعضها من الحكومة السابقة، وهذا بالتأكيد غير مفيد”.
من جهتها، هاجمت مستشارة رئيس الوزراء لشؤون المرأة حنان الفتلاوي، التشكيلة الوزارية للكاظمي.

وقالت الفتلاوي من خلال تغريدة على “تويتر”:”الكابينة الجديدة تضم 7 وزراء سابقين وحاليين، زائد وكيل وزير حالي، ومدير عام، يعني أكثر من ثلث الكابينة عتيگ (قديم)!”.
وأضافت:”إذا كان كل هؤلاء ناجحين، وفلتة زمانهم، فالمفروض أن العراق اليوم يكون مثل دبي، لكن يبدو فعلًا أن العراق يصوم ويصوم، ثم يفطر على بصل وربما ثوم!”.
وتفاقمت حدة الأزمات في العراق، على وقع انهيار أسعار النفط، وأزمة كورونا، فضلاً عن المأزق السياسي، وسط غياب الحلول.