استفتاء كردستان يشعل الخلافات السياسية والبرلمان يعلن رفضه

النور نيوز/ بغداد
تصاعدت حدة الخلافات بين حكومة بغداد وحكومة إقليم كردستان مع اقتراب موعد الإستفتاء المزمع إجراؤه في 25 من الشهر الجاري لاستقلال الإقليم عن العراق خصوصاً بعد تصويت مجلس محافظة كركوك على شمول المحافظة في الاستفتاء.
واعتبر مسؤولون وقادة كتل في الحكومة العراقية أن إجراء الاستفتاء سيؤدي إلى خلق أزمات جديدة ومزيداً من الانقسامات في البلاد.
كما حذر رئيس الوزراء حيدر العبادي من إجراء الاستفتاء معتبراً أن ذلك سيدفع البلد لنفق مظلم مؤكداً إن “الاستفتاء دون الوصول إلى نتائج مدروسة خداع للناس”.
وقال العبادي إن” الأكراد ساهموا في تحقيق إنجازات كبيرة على صعيد الوضع العراقي الراهن، وإن المضي في إجراء الاستفتاء سيكون بمثابة خطوة إلى الوراء ولن يحقق النتائج التي يتمنونها.
من جانبه قال أمين عام منظمة بدر هادي العامري إن رفضه لإجراء استفتاء إقليم كردستان ينطلق من عدم دستوريته، مخيراً الكرد افتراضياً ما بين اجراء الاستفتاء والغاء المادة 140 الدستورية التي تتعلق بحسم الموقف في المناطق المتنازع عليها.
وأكد العامري في مقابلة متلفزة ” ان الكرد لن يقبلوا أي حسم لا يحقق ما يأملون في المناطق المتنازع عليها وفق المادة 140 وخاصة فيما يتعلق بالوضع في كركوك لكنهم يقبلون بالمقابل باجراء الاستفتاء متسائلاً كيف يصرون على تطبيق مادة دستورية ويريدون اجراء الاستفتاء رغم عدم دستوريته”.
رفض دولي واسع للإستفتاء
ولاقى استفتاء كردستان رفضاً واسعاً على الصعيد الدولي والأممي، حيث اعتبره البعض بالشرارة التي ستخلق انقسامات جديدة في دول مجاورة للعراق.
ودعا مسؤول إيراني رفيع، قادة كردستان العراق، إلى التخلي عن فكرة الاستفتاء بشأن الانفصال، محذراً من أن تقسيم العراق سيؤدي إلى حروب، قد تزعزع أمن المنطقة لعقدين قادمين.
وقال أمين عام مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران محسن رضائي في لقاء متلفز إنه “لو جرى تقسيم العراق، فإن الأمر سيمتد إلى سوريا وتركيا، وتندلع حروب انفصالية في المنطقة من الممكن أن تزعزع الأمن لمدة 20 عاما”.
كما ترفض كل من تركيا والولايات المتحدة هذا الإجراء، واعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ووزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان بأنه قرار “خاطئ”، مؤكدين أهمية الحفاظ على وحدة أراضي سوريا والعراق.
كما ترفض كل من فرنسا وبريطانيا وروسيا وسوريا اجراء الاستفتاء واعتبروه غير دستوري لعدم موافقة الحكومة الاتحاديةعليه.
من جهته يرى النائب في البرلمان العراقي نائل عبد الإله أن المجلس سيناقش الاسفتاء المرتقب ولا بد أن يكون له موقف واضح تجاه، خاصة مع إصرار إقليم كردستان على إجرائه.
وأضاف عبد الإله في تصريح لـ”النور نيوز” أن البرلمان العراقي سيناقش الاستفتاء ويصوت على قانونية تلك الخطوة من قبل إقليم كردستان، وفي حال صوّت المجلس بالموافقة فأنه سيكون إجراءً سليماً، أما إذا صوّت البرلمان بالرفض فهذا يعني أن الاستفتاء لا قيمة قانونية له، ولا تعترف به الحكومة العراقية وحتى البلدان الأخرى.
وتابع: أن الحكومة العراقية عليها أيضاَ اتخاذ موقف واضح وصريح تجاه الاستفتاء المرتقب وعدم الاكتفاء بالتصريحات، خصوصًا وأن المشاكل التي يتسبب بها هذا الاستفتاء بدأت تظهر على الساحة العراقية وتؤثر على السلم المجتمعي والأهلى وبدأ ذلك في المناطق المتنازع عليها، وهو ما يتطلب منا موقفًا جديًا”.
إصرار كردي على الانفصال
وبرغم التحذيرات والدعوات المحلية والدولية إلى عدم اجراء الإستفتاء الا أن حكومة الإقليم تقابل هذه الدعوات بإصرار شديدة على إجراءه بموعده المحدد.
واكد رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني إن الشرط الوحيد الذي سيدفعه إلى إرجاء الاستفتاء على استقلال الإقليم هو ضمان أن يعيش كرد العراق في دولة مدنية ديمقراطية فدرالية.
وقال بارزاني في تصريح له إن ” هدفي تحقيق الاستقلال لشعبي، وعندما يتحقق ذلك تنتهي مهمتي والذين يطلبون منا التأجيل فالجواب هو: أعطونا البديل”.
وباشرت الحملة الدعائية للاستفتاء بشكل رسمي، ومن المقرر أن تستمر حتى 22 سبتمبر/أيلول الحالي، حيث أكدت مفوضية الانتخابات في الإقليم إن 5.5 ملايين شخص يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في استفتاء الانفصال.
وأعلنت المفوضية أن المناطق الخاضعة لسيطرة قوات البشمركة الكردية في محافظة نينوى “شمالي العراق” ومناطق أخرى منها كركوك ستشارك في الاستفتاء على حق تقرير مصير الإقليم، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة لدى ساكني تلك المناطق والرافضين للانضمام إلى إقليم كردستان من القومية العربية والتركمانية.
دول داعمة للاستفتاء
ويرى مراقبون ان دول الخليج تسعى لمساعدة الكرد على الإنفصال من خلال توقيع أربيل مذكرة تفاهم مع رئيس مركز الإمارات للسياسات ابتسام الكتبي، للمساعدة في تنظيم عملية الاستفتاء كما كشفت مصادر كردية، عن تلقي رئيس الاقليم مسعود بارزاني دعما من قبل قادة هذه الدول لتنفيذ مشروع انفصال اقليم كردستان عن العراق، مقابل قيامهم بأنشاء قواعد عسكرية في (أربيل ودهوك) سعيا لتشكيل قوة موازية لإيران وتركيا في المنطقة، التي تعيش اليوم أزمة كبيرة بسبب اتساع الخلافات بين قطر والسعودية وباقي الحلفاء.
أما بالنسبة للكيان الصهيوني فإنه الداعم الأبرز لاستفتاء كردستان حيث أوضح مسعود بارزاني في مقابلة مع صحيفة الشرق الاوسط السعودية أن كيان الاحتلال الصهيوني هي الجهة الوحيدة في العالم التي أعلنت تاييدها بصراحة للاستفتاء على استقلال كردستان.
المناطق المتنازع تعمق الخلافات
وتصاعدت الأحداث في المناطق المتنازع عليها حيث رفضت أغلب القوى شمول تلك المناطق بالاستفتاء.
ففي مندلي شرقي ديالى قام أهالي الناحية باعتصام مفتوح للمطالبة بعد شمول الناحية باستفتاء كردستان المرتقب، وذلك بعد تصويت مجلس الناحية على إجراء الاستفتاء، وذلك بعد إنزال العلم الكردي من قبل بعض المحتجين.
وقال عضو المجلس المحلي حيدر المندلاوي إن أهالي الناحية قرروا تحويل تظاهراتهم السلمية إلى اعتصام مفتوح أمام مركز الناحية لحين تنفيذ ثلاث مطالب رئيسية هي رفض المشاركة باستفتاء كردستان، وتغيير مدير ناحية مندلي.
لتنتهي الاعتصامات لاحقاً بعد الاستجابة لاغلب مطاليبهم ومنها الغاء فكرة المشاركة بالاستفتاء المزمع إجراؤه في كردستان وإقالة مدير الناحية.
كما احتشد المئات من المواطنين الغاضبين عند مجلس الناحية وقاموا بإنزال العلم الكردي، منتقدين تصويت مجلس الناحية على شمولها في استفتاء كردستان.
وسادت حالة من التوتر في الناحية التي يقطنها أغلبية عربية، لكن عزوف المواطنين العرب عن الانتخابات السابقة منح مجلس الناحية سيطرة كردية مكنته من التصويت على قرار الاستفتاء مع إقليم كردستان.
ويشكل هذا التطور هو الأول من نوعة في المناطق المتنازع عليها، حيث حذر مراقبون من صدامات قد تصل إلى استخدام السلاح بسبب استفتاء كردستان، وسط إصرار كردي على إجراء الاستفتاء تلك المناطق التي تعتبر مشتركة بين الحكومة الاتحادية وكردستان وفق المادة 140 من الدستور.
كما أكد الأمين العام لحركة “بابليون”، ريان الكلداني، الاثنين، أن قواته لن تسمح بدخول صندوق واحد خاص بإستفتاء كردستان إلى سهل نينوى، مشيرا إلى أنهم لن يرفعوا السلاح بوجه البيشمركة.
وكتب الكلداني في صفحته الشخصية على موقع “فيسبوك” إن كتائب بابليون لن تسمح بدخول أي صندوق خاص بالاستفتاء، وأضاف “لن نرفع سلاح بوجه البيشمركة لكننا نرفض دخولهم إلى مناطقنا”، لافتا إلى ان قوات الحشد الشعبي هي رديفة للجيش العراقي.